الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

المخالفات الشرعية فى العمل المصرفى فى البنوك الإسلامية



المخالفات الشرعية فى العمل المصرفى فى البنوك الإسلامية

لقد خلقنا لنعبد الله بالكيفية التى وضعها لنا الخالق ، فليس لنا أن نقر إجتهاداً يخالف حكم الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم . إن العمل المصرفي فيما يعرف بالبنوك الإسلامية يتضمن العديد من مواطن عدم التوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية .

يشير البيان الخاص باسلوب تحديد أهداف المحاسبة المالية المعتمد من قبل مجلس المحاسبة المالية للمصارف الإسلامية إلى أن النقاش الخاص بهذا الموضوع قد تبلور عن اتجاهين ، أحدهما يرى ضرورة تحديد الأهداف إنطلاقاً من مباديء الإسلام وتعاليمه ، والآخر يرى النظر في أهداف المحاسبة المالية التي توصل إليها الفكر المحاسبي المعاصر ، ويعرضها على الشرع ، فما اتفق مع الشرع قُبل ، وما اختلف إستبعد . وقد أقر المجلس في اجتماعه المنعقد عام 1993 الأخذ بالاتجاه الثاني . نتيجة لهذا القرار لم تتأسس المصارف الإسلامية في الأصل على أحكام الشريعة وإنما قامت على تقليد العمل المصرفي الربوي .

مع ظهور المصارف الإسلامية ، انهال الفقهاء المعاصرون على دراسة المعاملات الاقتصادية والمصرفية لإيجاد التخريجات من الفقه الإسلامي الذي يحوي آلاف الفتاوى عبر أكثر من أربعة عشر قرناً ، والتي تمثل آراء متنوعة وأحياناً متعارضة تُمكن من إجازة الكثير من المعاملات بدعوى الاستناد إلى الفقه الإسلامي ، وأضاف إليها الفقهاء المعاصرون إجتهاداتهم الخاصة . ليس في الاجتهاد ، قديمه أو حديثه ، من بأس مادام يستند إلى أحكام القرآن والسنة عملاً بقوله تعالى " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" (النساء : 58) ، ولكن عدم توافق الأنظمة الاقتصادية وكذلك العمل المصرفي الإسلامي مع أحكام الشريعة الإسلامية يظهر عند إجازة فتاوى دون مراعاة أو دون معرفة بالآثار الاقتصادية المترتبة على الفتوى ، أو محاولة التوصل إلى فتوى خاصة بالنظام الاقتصادي من فقه المعاملات ، أو عدم التنبه للفرق بين ملابسات وظروف فتاوى السلف الصالح مع ملابسات وظروف المعاملة فى الاقتصاد الوضعي ، أو إجازة معاملات مصرفية بحجة التيسير على الناس أو مراعاة مصلحتهم أو الرغبة في إيجاد بدائل لجميع المنتجات المصرفية التقليدية أو النظر إلى الاقتصاد الإسلامي على أنه مجرد اقتصاد غير ربوي ، فالله أعلم بمصلحة عباده والقرآن هدى للعالمين في كافة العصور السابقة والحالية والمستقبلية  "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" (البقرة : 2) . يتركز البحث فى الفقه الإسلامي القديم على المعاملات ضمن اطار سوق حرة لا تشوبها التعقيدات المعاصرة ، وما لم توضع المعاملات ضمن إطار الاقتصاد المحددة معالمه فى القرآن الكريم الصالح لكل زمان ومكان ، فإن الفتاوى تمثل بناء بلا أساس . 


الأحكام الفقهية للسلف الصالح ذات العلاقة بالعمل المصرفي
·         في معنى الربح يقول صاحب المغني " ... الفاضل عن رأس المال ومالم يفضل فليس بربح ، ولا نعلم في هذا خلافاً" (ابن قدامى – المغني ويليه الشرح الكبير – الجزء الخامس – ص 166) .
·         وفي استحقاق الربح والخسارة يبين الجزيري في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة – الجزء الثالث – ص 57 إلى 60 أقوال المذاهب الأربعة في هذا الشأن ، فعن الحنفية أنهم قالوا " لا تصح قسمة الربح قبل أن يقبض صاحب المال رأسماله " ، وعن المالكية قولهم أن "القاعدة في ذلك أن رأس المال إذا خسر فيه شيء بالعمل فيه أو تلف بآفة سماوية أو سرقه لص فإن الخسارة تجبر من الربح " ، أما الحنابلة فقالوا "لا يستحق المضارب شيئاً من الربح حتى يتسلم رأس المال إلى صاحبه والخسارة تجبر من الربح" ، وعن الشافعية أنهم قالوا "يصح قسمة الربح قبل أن يقبض رأس المال إلا أن الربح إذا قسم قبل بيع جميع السلع وقبل أن يصبح رأس المال ناضاً فإن ملك الربح لا يستقر فلو حصل بعد القسمة خسارة في رأس المال جبرت بالربح فيرد الجزء الذي أخذه" . ويقول ابن رشد "أن المقارض إنما يأخذ حظه من الربح بعد أن ينض جميع رأس المال " (ابن رشد – الحفيد – الجزء الثاني – ص 240) .
·         وفي خلط مال المضاربة جاء في المدونة الكبرى للإمام مالك ( رواية سحنون – كتاب القراض – الجزء الثالث – 650) في مسألة خلط المال ؛ " ولقد سألت مالكاً عن الرجل دفع إليه رجل مالاً قراضا ، فابتاع به سلعة ، ثم دفع بعد ذلك إليه رب المال مالاً آخر ، فابتاع به سلعة أخرى ، ثم باع السلعتين جميعاً فربح في إحداهما وخسر في الأخرى؟ فقال مالك : كل مال منهما على قراضه ، ولا يجوز نقصان هذا المال من ربح هذا المال" .
·         وفي دقة حساب الربح بقصد إعطاء كل ذى حق حقه ولو بتتبع عمليات حسابية يدوية شاقة ، ورد في المغني ويليه الشرح الكبير (ابن قدامى – الجزء الخامس – ص 166) النص التالي : (( إذا دفع إلى رجل مائة مضاربة فخسر عشرة ثم أخذ رب المال منها عشرة لم ينقص رأس المال بالخسران لأنه قد يربح فيجبر الخسران لكنه ينقص بما أخذه رب المال وهي العشرة وقسطها من الخسران وهو درهم وتسع ويبقى رأس المال ثمانية وثمانين وثمانية أتساع درهم فإن كان أخذ نصف التسعين الباقة بقى رأس المال خمسين لأنه أخذ نصف المال فسقط نصف الخسران وإن كان خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع ولذلك إذا ربح المال ثم أخذ رب المال بعضه كان ما أخذه من الربح ورأس المال فلو كان رأس المال مائة فربح عشرين فأخذها رب المال ثم بقي رأس المال ثلاثة وثمانين وثلثاً لأنه أخذ سدس المال فنقص رأس المال سدسه وهو ستة عشر وثلثان وحقها من الربح ثلاثة وثلث ولو كان أخذ ستين بقي رأس المال خمسين لأنه أخذ نصف المال فبقي نصفه وإن كان أخذ خمسين بقي ثمانية وخمسون وثلث لأنه أخذ ربع المال وسدسه بقي ثلثه وربعه وهو ما ذكرنا فإن أخذ ستين ثم خسر في الباقي فصار أربعين فردها كان له رب المال خمسه لأن ما أخذه رب المال انفسخت فيه المضاربة فلا يجبر ربحه خسران ما بقي في يده لمفارقته إياه وقد أخذ من الربح عشرة لأن سدس ما أخذه ربح فكانت العشرة بينهما وإن لم يرد الأربعين كلها بل رد منها إلى رب المال عشرين بقي رأس المال خمسة وعشرين .)) .
·         وفي الاستدانة على مال المضاربة ، يستوقفنا في الفقه الإسلامي القديم شبه إجماع على أنه لا يجوز للمضارب أن يستدين على مال المضاربة أو يقرضه إلا بإذن صريح من رب المال وتبريرهم في ذلك أن الاستدانة إثبات زيادة في رأس المال يضمنها رب المال . وفريق الفقهاء الذي لم يتفق معهم في الرأي كان أكثر تحفظاً ، إذ يرى بعدم جواز الاستدانة وإن أذن رب المال ، استناداً إلى نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن ، ففي موافقة رب المال على الاستدانة أو الإقراض مسؤولية تتخطى حدود رأسماله ويصبح مسؤولاً عن تسديد الديون وتحصيل القروض . وفي هذا الشأن يشير الدكتور وهبة الزحيلي إلى البدائع 6 / 68 وإلى رد المحتار 3 / 377 فيقول في كتابه "الفقه الإسلامي وأدلته" – ص 3904 في البند الرابع : (( فان لم يكن في يده دراهم ولا دنانير ، وصار رأسمال الشركة كله أعياناً وأمتعة ، فاشترى بدراهم أو دنانير شيئاً نسيئة ، فيكون المشترى له خاصة دون شريكه ، لأنه لو صح في حق شريكه صار مستديناً على مال الشركة ، والشريك لا يملك الاستدانة على مال الشركة من غير أن يؤذن له بها ، كالشريك المضارب ، لأنه يصير رأسمال الشركة أكثر مما رضى الشريك بالمشاركة فيه ، فلا يجوز من غير رضاه .)).

مواطن عدم توافق العمل المصرفي القائم مع أحكام الشريعة الإسلامية
أولاً : فى مجال الودائع الاستثمارية
تعد فكرة "المضاربة المشتركة" العمود الفقري لتأسيس البنوك الإسلامية ، لأنها الاجتهاد المعاصر الذي شرع للبنوك الإسلامية استقطاب الودائع الاستثمارية . المضاربة المشتركة هي الإطار الذي ينظم علاقة أصحاب الودائع الاستثمارية المطلقة بوصفهم "رب المال" مع البنك بوصفه " المضارب" . ابتدعت فكرة المضاربة المشتركة لحل مشكلة عدم توافق الآجال :
1.      آجال العمليات الاستثمارية ، فالبنك ينفذ عملية شراء سلم مدتها 3 شهور ، وعملية بيع مرابحة مدتها 4 سنوات ، وعملية تأجير للتمليك تستغرق 20 سنة .... وهكذا .
2.      آجال الودائع الاستثمارية ، فهناك مودع في حساب توفير يبدأ الإيداع في 1/3 وآخر يبدأ الإيداع في 1/8 وثالث مودع لأجل مربوط لمدة 3 شهور وآخر مودع لأجل مربوط لمدة سنة ... وهكذا.
3.      آجال الفترات المالية للبنك ، البنك يجري محاسبته على أن السنة المالية مقسمة في الغالب على سنوات مالية متساوية .. سنة 2008 ، سنة 2009 ، سنة 2010 .... وهكذا .

تقوم فكرة المضاربة المشتركة على فرضية أن المودعين خلال السنة المالية شركاء في الدخل الذي يعتبر قد تحقق عن الاستثمارات في تلك السنة استناداً إلى تعسر الفصل والتخصيص لعدم تعين النقود ، باعتبار أن من خرج أثناء مدة الاستثمار أو دخل أثنائها فكأنه يبيع حصته في رأس المال ، ولذا يحصل على نسبة من الربح تتفق مع المبلغ المودع ومدة استثماره . يترتب على فرضية المضاربة المشتركة مجموعة من المخالفات الشرعية :

معاملات الودائع تتضمن أكل مال بالباطل  "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" (النساء – 29)
·         يعتمد الاجتهاد المعاصر مبدأ الاستحقاق ، بمعنى أن يتحقق لكل سنة مالية حصتها من ربح الاستثمار ، ويوزع الربح على المستثمرين بنهاية السنة . بالمقابل يعتمد فقه السلف الصالح المبدأ النقدي بمعنى أن  يتحقق الربح بعد أن يغطى رأس المال بالكامل ويوزع على المستثمرين عند تحققه .
مثال 1: مرابحة بتاريخ 1/1/2010  الربح 200 لمدة 2 سنة . ربح سنة 2010 = 100 ، ربح سنة 2011 = 100 . مودع بتاريخ 1/7/2010 يشارك فى كامل ربح سنة 2010 ، يكتسب ربح من عملية مرابحة لم يستثمر فيها . مودع بتاريخ 1/7/2009 سحب وديعته فى 1/7/2010 ، يحرم من ربح عملية المرابحة التى استثمر فيها . هكذا توزيع للربح لا يعطي كل ذي حق حقه فرب المال يستحق الربح بسبب استثمار ماله .
مثال 2: استثمار بتاريخ 1/1/2010  ربح سنة 2010 = 1000 ، خسارة سنة 2011 = 2000 . مودع بتاريخ 1/7/2010 يشارك فى كامل ربح سنة 2010 ، يكتسب ربح من عملية استثمارية خاسرة لم يستثمر فيها . مودع بتاريخ 1/7/2011  يشارك فى خسارة سنة 2011 عن عملية استثمارية لم يستثمر فيها .
·         فى الاجتهاد المعاصر يقوم استقطاب الودائع على فكرة المضاربة المشتركة التى تعنى خلط أموال المضاربات . بالمقابل لا يجيز فقه السلف الصالح خلط أموال المضاربات
مثال : صافى ربح الاستثمارات 2010 = 2 مليون (عمليات رابحة 3 مليون – عمليات خاسرة 1 مليون) . بسبب التقاص تنخفض حصة البنك (المضارب) لأنها تحسب على ربح مقداره 2 مليون وليس 3 مليون ، بالمقابل ترتفع حصة المودعين بالفرق .
تعليق : تبرَر فكرة المضاربة المشتركة فى الاجتهاد المعاصر بتعسر الفصل والتخصيص . التعلل بتعسر الفصل والتخصيص لا يمكن قبوله في عصر الحاسوب الذي يمكن لبرامجه الفصل بين الودائع والتخصيص لكل وديعة بمشاركاتها في الاستثمارات ، وتحديد ربحيتها من كل استثمار بدقة مهما تعددت الودائع وتنوعت الاستثمارات ، وثم قيد حصة المستثمر في ربح استثمار ماله عند تحققه فعلياً بعد رد رأس المال . أقول ذلك عن خبرة مصرفية طويلة ومعرفة متعمقة بوضع برامج الحاسوب .
·         الاجتهاد المعاصر يجيز إقتطاع مخصصات واحتياطيات من ربح الاستثمارات بنهاية السنة المالية . بالمقابل لا يجيز فقه السلف الصالح القسمة قبل أن ينض راس المال ... إذا تمت تغطية رأس المال فلا مبرر لإحتياطي . 
مثال : نسبة مشاركة المودعين 70% ، ربح الاستثمارات 1 مليون ، قرر البنك مخصصات أو إحتياطيات  100 ألف إضافة إلى 100 ألف احتياطيات استناداً إلى ما أقرته المعايير المحاسبية للمصارف الإسلامية تحت اسم إحتياطي استقرار توزيعات الأرباح لتمكين المصارف الإسلامية من المحافظة على أن تكون معدلات ربحية الاستثمارات القابلة للتوزيع متوافقة مع أسعار الفائدة السائدة . يشارك المودعون فى ربح 800 ألف . البنك يحدد مقدار الربح .
·         يستثمر البنك لصالحه أموال المودعين خلال الفترة من تاريخ إيداعها إلى تاريخ المشاركة فى الاستثمارات .
·         إذا اضطر المودع لكسر الوديعة ، أي السحب منها قبل تاريخ استحقاقها ، فإنه يحرم من عائد الاستثمار عن كامل الوديعة أو عن الجزء المسحوب منها حسب سياسة البنك ، وذلك يعني إنتقال ربح استثمار مال الغير إلى البنك .
·         يستثمر البنك لصالحه أرباح المودعين التى يعتبرها تحققت خلال الفترة من نهاية السنة المالية لحين إقرار توزيعها .
·         يستثمر البنك لصالحه ما يقتطعه من ربح الاستثمارات تحت مسمى مخصصات أو احتياطيات .

معاملات الودائع تتعارض مع توجيهات الآية الكريمة "كي لا تكون دولة بين الأغنياء منكم" (الحشر: 7)
اتبعت البنوك الإسلامية نهج البنوك التقليدية في التمييز بين الودائع بحسب نوع الحساب و بحسب المبلغ المودع و بحسب مدة ربط الوديعة . يترتب على ذلك أن الأكثر ثراءاً يمكنه الحصول على الشروط الأفضل فيحظى بربح أوفر .

ثانياً : فى مجال الاستثمار
تطبيقات المشاركة والمضاربة
·         اعتبار قيود المصرف المحاسبية في حكم القبض أو الدفع الفعلي في حال قيد حصة البنك النقدية في رأس المال
يمكن قبول وفهم وتبرير ما اتجه إليه الفقهاء المعاصرون من اعتبار قيود المصرف المحاسبية في حكم القبض أو الدفع الفعلي عندما يمثل القيد عملية قبض فعلية من متعامل مع البنك أو دفع فعلية له ، فإذا قبض البنك 100 دينار من عميل تزيد فعلياً موجودات النقد لدى البنك مقابل زيادة التزام البنك نحو المودعين بنفس المبلغ ، والعكس في حالة الدفع . لكن الأمر يختلف عندما يمثل القيد علاقة المصرف بنفسه (قيد داخلي) كما هو الحال في قيد حصة البنك النقدية في رأسمال المشاركة ، فالقيد في هذه الحالة لا يزيد ولا ينقص النقد لدى البنك لصالح إمتلاكه حصة في رأسمال الشركة ، وتبقى حصة البنك في رأسمال الشركة ضمن النقد لدى البنك وتحت تصرفه إلى أن يباشر المصرف الصرف لأغراض الشركة تدريجياً حسب التدفقات النقدية المطلوبة ، وذلك يتعارض مع الأحكام الفقهية بعدم جواز أن يكون رأس المال غائباً .
·         استعمال مال الشركة لغير الغاية المخصص من أجلها
المال الزائد على متطلبات التدفقات النقدية للشركة يختلط بالمال الخاص بالمصرف ويتصرف المصرف فيه كيف شاء وقد يجني من جراء تصرفه ربحاً يكون خاصاً له . إن استعمال مال الشركة لغير الغاية المخصص من أجلها يتعارض مع عقد الشركة الذي يقوم على رأسمال ثابت لكل شريك يستثمر لأغراض الشركة . "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" (المائدة 5 : 1) ، كما أن استعمال المصرف للمال الزائد ينطوي على تخفيض حصة المصرف في رأسمال الشركة ، وفي ذلك مخالفة لعقد الشركة وظلم للشريك "وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض" ( ص 38 : 24) .

·         توزيع ربح المال أو الخسارة بحسب رأس المال المتفق عليه فى العقد
يفهم من الأحكام الفقهية في الشركات أن استحقاق المال للربح ناتج عن تحمل مخاطر استثماره ، فإذا لم يستثمر المال بوضعه عملياً تحت تصرف الشركة فإن صاحبه لا يستحق أن يجني ربحاً أو أن يتحمل خسارة ، الأمر الذي يستوجب استثمار المال فعلياً ، وليس مجرد الوعد باستثماره ،  وذلك يتفق مع نص الآية الكريمة "إلا أن تكون تجارة" (النساء : 29) . إذا كانت نسبة توزيع رأس المال المتفق عليها في العقد 50% للشريك مقابل 50% للبنك ، لو أنه حدث قبل أن يبدأ البنك في الإنفاق على الشركة من ماله أن هلك مال المشاركة ، أو لو حققت الشركة ربحاً ثم فسخت المشاركة ، فإن توزيع الربح أو الخسارة بحسب توزيع رأس المال في العقد يترتب عليه أن البنك الذي لم يستثمر من ماله شيء يتحمل خسارة مال غيره أو يكتسب ربح مال غيره .

·         توزيع الربح فى المشاركة أو المضاربة المتناقصة قبل تغطية رأس المال
المشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك التى قدمها الاجتهاد المعاصر يتم فيها توزيع الربح قبل أن ينض رأس المال خلافاً لأحكام فقه السلف الصالح . ماذا لو هلك مال المشاركة قبل تغطية رأس المال ؟

تطبيقات الإجارة المنتهية بالتمليك
·         شرط البيع فى عقد الإجارة المنتهية بالتمليك يخالف ما صح عن النبي صل الله عليه وسلم أنه نهى عن صفقتين في صفقة واحدة ، وهاتان صفقتان في صفقة ، فالإجارة صفقة والبيع صفقة أخرى .
·         شرط البيع قبل انتهاء مدة الإجارة تتحقق فيه الجهالة بالصفة التى سيؤول إليها المأجور بعد انتها مدة الإجارة ، وقد نهى الرسول صل الله عليه وسلم عن بيع الغرر الذى ينشأ عن الجهالة بالمبيع . وقد روي عن ابن عباس قال : "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يباع تمر حتى يطعم ، أو صوف على ظهر ، أو لبن فى ضرع ، أو سمن فى لبن " (رواه الدارقطنى) .
·         شرط الهبة أو التملك بعد آخر قسط فى عقد الإجارة هو تحايل لأن البيع هو المقصود ، وفى ذلك تناقض مع حديث الرسول صل الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمريء ما نوى" وهو حديث متفق عليه ، ولا عمل بدون نية .
·         شراء المأجور وتأجيره لمن اشتريت منه إجارة منتهية بالتمليك هو بيع عينة واضح .

تطبيقات المرابحة للآمر بالشراء
تشكل المرابحة للآمر بالشراء معظم معاملات المصارف الإسلامية إذ يقوم البنك ، بناءاً على طلب الآمر بالشراء ، بشراء السلعة نقداً وثم بيعها للآمر بالشراء آجلاً لجني الربح من فرق السعرين . مشروعية المرابحة محل جدل لدى الفقهاء تجعلها محل تعارض مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام " (صحيح مسلم) .

تطبيقات البيوع الأخرى
هى تجارة وليس عمل مصرفى .

ثالثاً : فى مجال توظيف الأموال فى الأسواق المالية
تطبيقات المضاربات في الأسواق المالية باسم أوراق مالية للمتاجرة تتعارض مع مبدأ عدالة التقييم
أسعار الأسهم والبضائع في البورصات يحددها حجم الطلب والعرض المفتعل على عقود الشراء والبيع وليس حجم الطلب والعرض على الأسهم أو البضائع ذاتها ، ومعظمها معاملات ورقية ليس فيها استلام أو تسليم لموجودات ، فالمشتري يشتري عقداً والبائع يبيع عقداً . وافتعال رفع أسعار السلع يتسبب فى التضخم الذى يسهم فى تركز الثروة وعدم الاستقرار الاقتصادي "ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم" (هود 11 : 85) .

تطبيقات المضاربات في الأسواق المالية باسم أوراق مالية للمتاجرة تنطوى على ربا
"وحدثنى عن مالك أنه بلغه أن صكوكاً خرجت للناس فى زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مروان بن الحكم فقالا أتحل بيع الربا يا مروان . فقال أعوذ بالله وما ذاك فقالا هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها فبعت مروان الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدى الناس ويردونها إلى أهلها ." (موطأ الإمام مالك: كتاب 31 ، حديث 1336) .

ربط إجازة الاستثمار بنسبة المال الحرام يخالف تحريم الربا
الأخذ بما ورد في الاجتهادات المعاصرة باعتبار المال حلال بحكم غلبة معظمه قد يكون مقبولاً لتشريع التبرع للغير بمال مصدره أو مصدر بعضه ربوي فيستفيد منه الغير دون اعتباره زكاة أو صدقة ، ولكن لا يمكن تفسير الأخذ بهذا الحكم الفقهي لتشريع استثمار البنوك الإسلامية في أسهم الشركات بمراعاة نسبة المال الربوي في موجوداتها أو دخلها . إن الاستناد إلى هذا الحكم فيه تشريع للإسترباح من نتاج مال بعضه حرام ، كما فيه إجازة لبنوك ربوية لافتتاح نوافذ أو فروع إسلامية برأسمال كله أو بعضه حرام ، والربا كثيره أو قليله حرام بنص القرآن الكريم " فلكم رءؤس أموالكم" (البقرة : 279) . كما وأن فرص الاستثمار الحلال كثيرة لا تبرر ضرورة تشريع استغلال قليل من مال حرام .


"وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" (الشورى 42 : 10)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق