الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

التضخم ... بين الفكر البشري وشريعة الخالق


التضخم ... بين الفكر البشري وشريعة الخالق

على الرغم من تميز كل نظام إقتصادي بمعالم خاصة به ، إلا أنها جميعاً تشترك فى مواصفات موحدة . النمو المتزايد فى الخدمات الحكومية يعكس تنامى الإنفاق الحكومي والدين العام والفساد فى المال العام . القطاع المالي فتح المجال لإمكانية تحقيق مكاسب دون مساهمة مباشرة فى نشاط إنتاجي . بنيت النظم الاقتصادية الوضعية على أسس مضللة يفتعل فيها التضخم من أجل تحقيق مصالح فئة قليلة من الأفراد والمؤسسات . ونتيجة لذلك فقد تنامى الفقر واتسعت الفجوة بين دخول الأفراد . تشير الدراسة التى أعدها المعهد الدولى لأبحاث التنمية الاقتصادية بجامعة الأمم المتحدة إلى أن 1% من البالغين يملكون وحدهم فى عام 2000 ما نسبته 40% من مجموع الأصول فى العالم ، وأن  10% من البالغين يملكون 85% من إجمالى الأصول فى العالم ، وبالمقابل فإن نصف سكان العالم من البالغين الأكثر فقراً يمتلكون 1% من ثروة العالم . كما تميزت الاقتصاديات المعاصرة بعدم الاستقرار . يشير إنفجار الفقاعات المالية خلال العقود الأخيرة إلى فشل الأنظمة الاقتصادية القائمة فى تحقيق الرخاء المنشود ، انتشرت الثورات فى العالم على اختلاف شعاراتها للتعبير عن السخط على الظلم الاجتماعي الناتج عن جشع الأنظمة الوضعية .

تعريف التضخم
يعرف الاقتصاديون التضخم بأنه ارتفاع فى المستوى العام لأسعار السلع والخدمات ، ولكن يختلفون فى تفسير أسبابه . يرى أصحاب النظرية الكينزية أن التضخم هو ظاهرة تتعلق بالأسعار ، لأنه يعكس تفاعلات عوامل السوق إذ ينتج التضخم عن زيادة فى الطلب الكلي ، أو انخفاض فى العرض الكلي ، أو ارتفاع فى كلفة العمالة . بالمقابل فإن أصحاب النظرية النقدية ينظرون إلى التضخم على أنه تآكل فى القوة الشرائية للنقود ، فيؤكدون أن التضخم هو دائماً ظاهرة تتعلق بالنقود فحيثما ترتفع الأسعار تقل كمية المنتجات التى يمكن الحصول عليها مقابل الوحدة النقدية . ويقاس معدل التضخم بمعدل ارتفاع المستوى العام لأسعار السوق بنهاية فترة معينة بالمقارنة بما كان عليه فى بداية الفترة .

يحدد البائع سعر السلعة بما يعادل المجموع الكلي لتكلفة السلعة مضافاً إليه ربح مقابل تحمله مخاطر الاستثمار . يراقب السوق عدالة السعر ومعقوليته عن طريق التفاعل بين عاملي العرض والطلب للتوصل إلى سعر البيع فى السوق . ولكن  توضيح الفرق بين السعر الحقيقي وسعر السوق يقدم تفسيراً مختلفاً لمفهوم التضخم ؛
1.      السعر الحقيقي
يقصد بالسعر الحقيقي المجموع الكلي للتكلفة الحقيقية لعوامل الإنتاج التى تمثل تكلفة مكونات السلعة من مواد وعمل وعائد أدوات الإنتاج بالإضافة إلى ربح للمستثمرين مقابل تحمل مخاطر الاستثمار . يعكس الارتفاع الطبيعي فى سعر منتج ما ارتفاعاً فى قيمته الحقيقية وزيادة فعلية فى ثروة من يقتنى السلعة . على أن الارتفاع الطبيعى فى أسعار بعض المنتجات ليس له تأثير يذكر على المستوى العام للأسعار بسبب تفاعلات عوامل السوق التى تعيد التوازن بين الطلب والعرض ، وتنوع المنتجات الذى يعوض ارتفاع أسعار بعضها بالانخفاض فى أسعار منتجات أخرى ، والتطوير التقني لإستحداث أساليب إنتاج وتقديم سلع بديلة .

2.      سعر السوق
يمثل سعر السوق لمنتج معين ما يدفعه المستهلك للحصول على المنتج . يشمل سعر السوق بالإضافة إلى السعر الحقيقي تكاليف إضافية لا علاقة لها بالإنتاج ولكنها تتسبب بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى ارتفاع الأسعار مثل :
·         الفوائد أو كلفة التمويل التى يدفعها المستثمرون للمقرضين حيث تعد جزءاً من تكاليف المنتجات .
·         الضرائب والرسوم التى يدفعها المستثمرون للدولة وهى تمثل أحد عناصر كلفة المنتجات .
·         التكاليف التى يدفعها المستثمرون لتغطية ما يدفعونه من ضرائب على دخولهم ورشاوى للمفسدين .
·         الضرائب لتغطية فوائد الدين العام وكلفة الفساد فى المال العام ودعم القطاع المالي فى الأزمات المالية .
·         الارتفاع المفتعل فى أسعار السوق نتيجة المضاربات والمزايا الاحتكارية .

خلافاً للإرتفاع الطبيعي لسعر منتج الذى يعكس زيادة حقيقية فى قيمته ، فإن التكاليف الإضافية تمثل زيادة متعمدة فى أسعار جميع المنتجات فيرتفع المستوى العام للأسعار (التضخم) . ولما كانت التكاليف الإضافية تدفع فى شكل دخول إضافية تشمل دخل الممولين من الفوائد ، ودخل المضاربين من أرباح المضاربات ، ودخل المفسدين من العمليات غير المشروعة ، إضافة إلى دخل الدولة من الضرائب فيما يزيد على التكلفة الحقيقية للمنتجات والخدمات التى تقدمها للمجتمع ، فمن البديهي أن تزيد كمية النقود المتداولة لتغطية الدخول الإضافية ، فتنخفض قيمة العملة لأن الزيادة لا يقابلها زيادة فى الناتج القومي ، ويعكس ذلك إرتفاعاً متعمداً فى المستوى العام لأسعار السوق (التضخم) . 

يستنتج من ذلك أنه ليس كل ارتفاع فى الأسعار يعد تضخماً ضاراً بالمجتمع ، وإنما ينحصر التضخم الضار في الارتفاع المتعمد للأسعار الناتج عن تشريع ممارسة أنشطة غير إنتاجية تعتبرها الأنظمة الوضعية أنشطة إقتصادية . التضخم ليس ظاهرة طبيعية يلزم التعايش معها ، وإنما هو ظاهرة فرض النظام الاقتصادي الوضعي التعايش معها . وعليه يمكن تعريف التضخم بأنه ارتفاع متعمد فى المستوى العام للأسعار نتيجة إضافة تكاليف لا علاقة لها بالإنتاج ، أو نتيجة زيادة كمية النقود لاستعمالها لدفع عوائد معاملات لا علاقة لها بالإنتاج . أما معدل التضخم فيقاس بمعدل ارتفاع المستوى العام لأسعار السوق بالمقارنة بالمستوى العام للأسعار الحقيقية للمنتجات .

آثار التضخم
يختلف تأثير التضخم باختلاف طبقات المجتمع ، فبينما ينخفض مستوى معيشة ذوى الدخول المتوسطة وأولئك الذين يتقاضون دخولاً ثابتة ويزداد الفقراء فقراً ، يجنى الأثرياء أرباح ارتفاع قيمة ممتلكاتهم من الأصول وتتضاعف أرباح أصحاب العمل . ويترتب على التركز المتعمد للثروة آثار اجتماعية هدامة فينتشر إدمان الكحوليات وينفرط الترابط الأسري ويرتفع معدل الجريمة وتحل حالة الكراهية والحقد والحسد محل روح التعاون والوئام بين الناس وما يتبع ذلك من عدم استقرار سياسي ومظاهرات وثورات شعبية . أما على الصعيد الاقتصادي ، فنتيجة للتضخم تعم الفوضى الاقتصادية إذ يقل استهلاك الطبقة العاملة ، فينخفض كل من الطلب والإنتاج ويرتفع معدل البطالة وكذلك تقل الصادرات حيث ترتفع أسعارها كما تتزايد المستوردات التى تصبح أسعارها أقل نسبياً من أسعار المنتجات المحلية ، ويقل حجم مدخرات الطبقة المتوسطة بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية ، وتتفاقم الضغوط لرفع الأجور لمواجهة ارتفاع الأسعار .

مراقبة التضخم
تمثل مراقبة التضخم أهم المشاكل التى تواجهها الحكومات . بوجه عام ، تهدف أدوات الرقابة الحكومية والنقدية إلى التحكم ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، فى التوسع الائتمانى . قد يحقق انكماش الائتمان خفضاً فى التوظيف المالى ، ولكنه يؤدى إلى ركود إقتصادى يستتبعه إنخفاض الناتج القومى وارتفاع معدل البطالة . قد يترتب على التوسع الإئتماني تنشيطاً للتوظيف فى الأنشطة االاقتصادية ، ولكنه ينعكس سلباً على النشاط الإنتاجي حيث يرتفع معدل التضخم مرتباً ما يستتبعه من آثار هدامة . تحاول السلطة النقدية تحقيق التوازن من خلال المفاضلة بين الآثار السلبية والنتائج الإيجابية ، ولكن فى جميع الأحوال فإنه لا يمكنها تجنب عدم الاستقرار الاقتصادي ، كما وأن السوق قد لا يستجيب لما تتوقعه السلطة النقدية . وقد يرتفع معدل التضخم بشكل كبير يهدد الاقتصاد بكامله مثال ذلك أن شهد الاقتصاد السوفيتى فترة من التضخم المتفاقم من عام 1921 إلى عام 1924 . ونظرة تاريخية سريعة توضح فشل أدوات التحكم فى كمية النقود فى تجنب الأزمات المالية المتلاحقة ، فأزمة وول ستريت فى 1929 ، وأزمة الرهونات الأمريكية عام 2008  ، وأزمة دول آسيا عام 1997 ، وأزمة روسيا فى 1998 ، وكذلك أزمة ديون دول أمريكا اللاتينية جميعها نتاج زيادة كمية النقود الائتمانية .

وجهات نظر حول إيجابيات التضخم
بالرغم من الآثار المدمرة للتضخم ، مازال الاقتصاديون يعتقدون بوجوب التعايش مع ما أسموه التضخم المعتدل ؛
1.      يرى البعض أنه يترتب على ارتفاع معدل التضخم إنخفاض عبء الدين الخاص بالمقترضين بفائدة ثابتة .
§         إن الدائن يراعي هذا الأمر برفع معدل الفائدة الثابتة أو الإقراض بفائدة متغيرة .
2.      يرى الكينزيون أن التضخم يسمح بتعديل الأجور لأنه يترتب عليه إنخفاض القيمة الحقيقية للأجور .
§         فى ذلك تشريع لممارسة الظلم على الطبقة العاملة وإقرار بأنه بدون التضخم لا حاجة لتعديل الأجور .
3.      يقال أنه وفق منحنى فيليبس فإنه توجد علاقة عكسية بين التضخم والبطالة .
§         قد يكون ذلك صحيحاً على المدى القصير ، حيث يبدأ تأثير ضريبة التضخم المستتر بعد مدة طويلة نسبياً ، ولكن تأثير الضرائب المفروضة و كلفة التمويل وأعباء الفساد المالي يكون فورياً .
4.      يعتقد إقتصاديون أن التخلص من التضخم لا يمكن أن يتم إلا فى ظل كساد كافٍ يجعل الجميع فى وضع أسوأ .
§         خلافاً للتضخم ، فإن زيادة كمية النقود بحسب متطلبات التبادل توقف الكساد .
وأخيراً ، إن التضخم المعتدل مجرد عبارة نظرية إذ لا يوجد فى العالم دولة واحدة تمكنت من أن تحقق تعايشاً مستمراً فى ظل تضخم معتدل . 

وجهات نظر حول إيجابيات الأنشطة المالية التضخمية
1.     الإقراض الربوي
يرى الكثيرون أن الإقراض مقابل عائد ضروري لتمويل الأنشطة الإنتاجية .
§         يمكن توجيه المال للاستثمار المباشر فى الأنشطة الإنتاجية بالمشاركة فى رأس المال دون إلحاق الضرر بالمجتمع . 
2.     المضاربة
تؤكد السياسات الاقتصادية على ترسيخ مفهوم أنشطة المضاربة كنشاط إقتصادي  بدعوى استقطاب فوائض الأموال ، المحلية والأجنبية ، لاستعمالها فى أنشطة إنتاجية لتحقيق النمو الاقتصادي ، رفع الغبن عن المستثمرين على اعتبار أن السوق توفر فرص تلاقى عدد كبير من البائعين والمشترين .
§         باستثناء الاكتتاب لتكوين أو زيادة رساميل الشركات ، فإن المضاربة على الأسهم لا تضيف شيئاً للناتج القومي .
§         المضاربات فى أسواق السلع هى مضاربات على عقود لا علاقة لها بالطلب والعرض على الإنتاج .
§         باستثناء شراء العقارات للتطوير ، فإن المضاربات فى السوق العقاري يترتب عليها ارتفاع وهمي فى الأسعار .
§         تستعمل البنوك جزءاً مهماً من أموال المضاربات لتمويل المضاربين .
§         يترتب على المضاربة استبدال الغبن الذى قد ينتج عن عدم توفر فرص تلاقى عدد كبير من البائعين والمشترين ، بغبن أكبر هو غبن المضاربة ذاتها التى توفر فرص افتعال طلب وهمي أو عرض وهمي لصالح كبار المضاربين .
3.     فرض الضرائب
يرى كثير من الإقتصادين ضرورة فرض الضرائب لتوفير مصدر إيرادات لتغطية النفقات العامة ، وإعادة توزيع الدخل والحد من تركز الثروة .
§         الضرائب على اختلاف مسمياتها تُدفع بالكامل من قبل المستهلكين . العمال لا يستردون الضرائب التى يدفعونها . أصحاب الأعمال يستردون من المستهلكين ما يدفعونه من ضرائب عن طريق رفع الأسعار ، والأثرياء يربحون من ارتفاع قيمة موجوداتهم .
§         يمكن توفير مصادر دخل بديلة لتغطية الإنفاق الحكومي .
4.      الفساد المالي
يرى الكثيرون أن الفساد المالي هو نتاج السلوك الفردي غير المشروع .
§         هذا صحيح ولكن الفساد المالى هو أيضاً نتاج أنظمة فاسدة . النظام السياسي الديمقراطي يمكن الأثرياء من توجيه السياسات والاقتصاد لتحقيق مصالحهم ، النظام الاقتصادي الرأسمالي هو نظام تضخمي يستولى على مال الفقير لإثراء الغني ، أما الاشتراكية فإنها تتميز بتضخم القطاع العام على حساب عدم إحترام الملكية الخاصة . إصلاح الأنظمة يصلح السلوك الفردي .

أحكام الإسلام فى التضخم والأنشطة المالية التضخمية
أولاً : تحريم التضخم
·         التضخم هو أكل مال بالباطل : "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " (البقرة 2 :188).
·         التضخم يترتب عليه تركز الثروة : "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" (الحشر 59 : 7) .
·         التضخم تدخل فى النظام الذى فرضه الخالق للتسعير :  "ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها" (الأعراف 7 : 56) .

ثانياً : تحريم الأنشطة المالية التضخمية
1.     تحريم الإقراض الربوي
يقصد بالربا العائد مقابل الإقراض (فائدة ، عمولة ، ربح)   "وأحل الله البيع وحرم الربا" (البقرة 2 : 275).
تجدر الإشارة إلى الفرق بين ربح الأجل فى البيوع وربا الأجل فى القروض ؛
§         دين البيع الأجل ينشأ عن استبدال منتج بدين ، بينما يمثل دين الإقراض استبدال نقد بدين .
§         ربح الأجل فى البيوع حافز ومكافأة للمستثمر لمشاركته فى تنمية الناتج القومي ، أما ربا الأجل فهو نماء لثروة المقرض دون مشاركته فى تنمية الناتج القومي .
§         البيع الآجل يشجع الاستهلاك فيزيد الناتج القومي وهو هدف الاقتصاد لتحقيق الرخاء للشعوب ، ولا يترتب عليه زيادة فى كمية النقود لأن دخل البائع من ربح الأجل يقابله خفض فى دخل المشترى بالأجل ، فلا يترتب تضخم ، أما ربا الأجل فيضاف إلى تكلفة السلعة باعتباره كلفة تمويل ، يزيد من دخل المقرض ولا يخفض دخل المقترض وإنما يتحمله المستهلك ، فينشأ التضخم .
2.     تحريم المضاربة
§         تتعارض المضاربة مع مبدأ عدالة التقييم : "ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم" (هود 11 : 85) . الأسعار في أسواق الأسهم والسلع لا تعكس نتيجة التفاعل الحر بين الطلب الحقيقي والعرض الحقيقي للأصل موضوع التعاقد ، وإنما تتحدد في ضوء حجم الطلب والعرض الخاص بعقود معاملات المضاربة والذي غالباً ما يتحكم فيهما كبار المضاربين .
§         تمثل المضاربة نوعاً من القمار : "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه" (المائدة 5 : 90) .
§         تنطوى المضاربة على ربا : "وحدثنى عن مالك أنه بلغه أن صكوكاً خرجت للناس فى زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها فدخل زيد بن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم على مروان بن الحكم فقالا أتحل بيع الربا يا مروان . فقال أعوذ بالله وما ذاك فقالا هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها فبعت مروان الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدى الناس ويردونها إلى أهلها ." (موطأ الإمام مالك: كتاب 31 ، حديث 1336) .
§         تحريم المضاربات على الفائدة : "وأحل الله البيع وحرم الربا" (البقرة 2 : 275) .
§         تحريم المضاربة (العقود المستقبلية) فى الصرف ، ويبدوا ذلك واضحاً فى شرطي الآنية والتقابض .
الآنيــــــة : "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها" (عن الرسول صل الله عليه وسلم – رواية ابن عمر) .
التقابض: "فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" (عن الرسول صل الله عليه وسلم ،البخاري ومسلم).
3.     تحريم فرض الضرائب :
§         قال النبي صل الله عليه وسلم في المرأة التي زَنَت فرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها ، فتنضّح الدم على وجه خالد ، فسبّها ، فسمع نبي الله صل الله عليه وسلم سبه إياها ، فقال : مهلا يا خالد ! فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغُفر له ، ثم أمر بها فصل عليها ودُفنت ، )رواه مسلم( .
§         الضرائب أكل مال بالباطل : "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم" (البقرة 2 :188) . ورد فى تفسيرات الآية الكريمة أن المقصود رشوة الحاكم ، ولكن وردت كلمة الحكام مطلقة لا تميز بين حاكم فاسد أو غير فاسد . وإن كانت الضرائب فى ظاهرها إقتطاع من دخول دافعيها لتمويل الإنفاق العام ، إلا أنها فى الواقع تمثل أكل مال المستهلكين .
§         ضريبة التضخم المستترة تنطوى على بخس فى قيمة النقود : "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" (هود 11 : 85) . ولعله يمكن ملاحظة استعمال كلمة "الأشياء" فى هذه الآية الكريمة لتشمل الممتلكات إضافة إلى النقود .
4.     تحريم الفساد المالي :
"والله لا يحب الفساد" (البقرة 2 : 205) وقد ورد فى القرآن الكريم وفى الأحاديث النبوية الشريفة تحريم الكثير من أنواع الفساد مثل السرقة والرشوة والغش والاحتكار وخيانة الأمانة .

التضخم ربا
لما كان الاقتراض وسيلة لتلبية إحتياجات الأفراد وكان الاقتصاد إقتصاداً إنتاجياً بحتاً ، فقد بينت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأوضح فقه السلف الصالح أنواع الربا التى يترتب عليها ، أو قد يترتب عليها ، زيادة غير مشروعة للمال فيما يتعلق بالاقتراض والبيوع ، على أن تنامى الأنشطة المالية مؤخراً واعتبارها جزءاً من الأنشطة الاقتصادية أضاف أساليب أخرى لزيادة غير مشروعة للمال .
بالرجوع إلى مفهوم الربا ، يقصد بالربا فى اللغة العربية الزيادة ، "الأصل فيه هو الزيادة ، من ربا المال إذا زاد" ... ابن منظور ، لسان العرب ، الجزء 19 ، "الربا فى اللغة الزيادة" .... محي الدين النووي ، تهذيب الأسماء واللغات ، القسم 2 ، الجزء 1 ، "إنما قيل للرابية رابية لزيادتها ..." محمد بن جرير الطبري ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، الجزء 6 . ولكن ليس كل زيادة حرام ، فعندما تربو الأرض بسبب المطر فذلك خير وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج "(الحج 22: 5) ، وليس كل زيادة فى المال حرام ، فزيادة المال بسبب ربح البيع حلال " وأحل الله البيع " (البقرة 2: 275) ، بينما كل زيادة غير مشروعة فى المال هى  زيادة حرام " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" (النساء 4 : 29) . وبمراعاة معطيات الاقتصاد المعاصر ومعنى الربا فى اللغة العربية فإنه يمكن تعريف الربا بأنه "الزيادة غير المشروعة فى المال" . وبهذا التعريف الشامل للربا يمكن القول بأن التضخم ربا أو أن الربا هو التضخم .

التضخم ظاهرة متعمدة يتوجب التخلص منها لتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي والحد من تركز الثروة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق